الأعرابي في غرفة النوم



يروى عن أحد الأعراب أنّه في مساء يوم ماطر من فصل الخريف، عاد إلى منزله بعد يوم عمل طويل، فتناول طعام العشاء، ثمّ دخل إلى غرفة النوم، وأقبل على زوجته الممدّدة على السرير، إلا أنّه تريّث في اللحظة الأخيرة خوفا على استقرار العائلة.

فالأولاد ما زالوا يسهرون أمام التلفاز، ومن الأفضل لاستقرارهم النفسي، أن يسمعوا فقط أصوات مسلسل الأكشن الذي يعرض على الشاشة، دون أن تصل لأذنيهم أيضا أصوات فيلم الأكشن الذي كان على وشك أن يدور في غرفة نوم أبويهم.

ولكن بعد لحظات قليلة، تغلّبت العاطفة على العقل، فغيّر الأعرابي رأيه وعاد ليقبل على زوجته، إلّا أنّه مرّة جديدة، تريّث في اللحظة الأخيرة، خوفا على استقرار السرير. فالسريرأصبح قديما، أكل الصدأ رفّاصه، و ضرب الهريان خشبه، قواعده تالفة، يقف على "صوص ونقطة".

ولكن بعد دقائق معدودة، تغلّبت الشهوة على القلق، فغيّر الأعرابي رأيه من جديد، وعاد ليقبل على زوجته، وهمّ بقبلات لزورديّة تشعل نار الحبّ، وتوقد أتون الشغف، إلّا أنّه توقّف فجأة، وتريّث في اللحظة الأخيرة، هذه المرّة خوفا على استقرار وضعه النقدي، فربّما نتج عن فعله طفل جديد، مع كلّ ما يعنيه ذلك من مصاريف إضافية، لا طاقة له في تحمّلها.

ولكن بعد ثوان، تغلّب جمال الزوجة على مخاوف الأعرابي، فغيّر رأيه، وعاد ليقبل عليها، وهمّ بها، إلّا أنّ هذه المرّة، قبل أن يتريّث، أحسّ بصفعة عنيفة لَوَقت حنكه، وبرمت رأسه برما، وعندما نظر إلى زوجته بعيون ملؤها التعجّب، قالت له الزوجة، مستلهمة من أغنية طوني كيوان:

بدَّك، بدَّك، ما بدَّك؟! قلبي مش لعبة بيدّك! كنّك عل أكشن ناوي، قلّي ويش هو ردّك!

وعندما سألها عن سبب غضبها، أردفت قائلة، على طريقة المطربة لطيفة:

كلام مش بيحود، يا أبيض يا إسود، لكن مش رمادي!
كدة كدة ح تراضيني، وتكسب ودادي، لكن بالملاوعة، ح تخسر فؤادي!

عندها فهم الأعرابي أنّ التردّد هو عدوّه الأوّل، وأنّ الخوف على الاستقرار يشكّل بالفعل التهديد الأكبر لاستقراره العاطفي ولاستقرار عائلته، وأنّ الجبن الذي يتملّكه، كاد أن يسبّب له خسارة حبّ حياته.

فخرج من الغرفة، وأمر أولاده بالانصراف فورا للنوم، لأنّ عليهم الاستيقاظ باكرا في اليوم التالي للذهاب إلى المدرسة، ثمّ عاد إلى الغرفة، وكسر أرجل السرير وسوّاه بالأرض، وقال في نفسه: على كلّ، الولد بتجي رزقتو معو!

وسرعان ما صدح صوت فيروز في ذهن الحبيبين، منبئا بالأكشن الذي سيلي: يا ليل الصبّ متى غده، أقيام الساعة موعده؟

جينيريك.

جداريّات رقميّة - 4

Comments